الأحد، 28 ديسمبر 2008

تصدعات في جدران الخوف

سمعت أغنية للفنان حمادة هلال تقول كلماتها (وللأسف لا أعرف كاتبها فهو يستحق التقدير) :
كل ما أشوف عُمري جري بيّ ... بأخاف
كل ما تدبل وردتي فيّ ............. بأخاف
حتى في كلامي .. حتى في غنايا بتبان آلامي .. بيبان بكايا
حتى اما بافرح .. باخاف لتموت الفرحة .. باخاف م الدنيا الجارحة
باخاف ل الضحكة الحلوة تبقى جناين أحزان
باخاف من توهة زمني .. باخاف ليرّخص تمني
باخاف لتضيع احلامي .. اللي شايفها عروسة بطرحة
أحيت هذه الأغنية بكلماتها إحساسي بالخوف ، وجعلتني أسترجع شريط حياتي ، وتساءلت : كم شخص مثلي يعيش هذا الإحساس ويعتبره شئ رئيسي وأساسي في حياته ، بل إنه الإطار الرئيسي لعمره كله ، وبدأت أفكر لماذا كنت ولازلت وسأظل خائفا ؟ اكتشفت ان إحساس الخوف الذي يسيطر ويسطر حياتي كلها ناتج عن عدم رغبتي في فقدان شئ هام في حياتي أو الحفاظ على شئ ثمين أيضا ، ولأن إحساسي بكرامتي ولد معي ، فقد ولد معه خوفي من فقدها أو تدنيسها أو إهانتها ، وبدأ الخوف من الوالدين حتى لا اتلقى إهانة أو عقابا ، وإن كان خوفي من الامتيازات الضئيلة التي كنت احصل عليها لم يكن بنفس قوة خوفي على كرامتي ، ثم بدأت تتسع دائرة الذين ولّدوا الخوف لديّ من الجيران وأولادهم ، والمدرسين بالمدارس المختلفة ، وكلما تقدم بي العمر اتسعت دائرة الذين ينشرون الخوف حولي وداخلي ، وتغلغلت جذور الخوف في أعماقي ، ... بل أنني - رغم حبي للسفر والترحال - أمقت لحظتي المغادرة والوصول ، حيث يتناول رجال الجوازات جواز سفري وهم يتفرسون في وجهي وكأنني مجرم حتى تثبت براءتي وكثيرا ما يلقي بالجواز باستهانة ليثبت تعاليه وتفوقه ، بل أن بعض المطارات قد ارتفعت بنوافذ وكاونترات ضباط وموظفي الجوازات إمعانا في التقليل من شأن المسافر ، فمادمت لم تدخل أو تغادر من قاعة كبار الزوار ، فأنت من الدرجات الأقل والتي لا تستحق الاحترام ، ويجب أن تخاف ... وبعدها تنتقل إلى موظفي الجمارك وباقي السلسلة حتى تصل إلى هدفك ، وفي جميع المراحل أحاول أن احافظ على أكبر جزء من كرامتي بجدار من الخوف ، أو على الأقل - اكبر جزء تبقى منها - ........وللحديث بقية